-->
نبشر متابعي مدونة إفريقيا المسلمة , بخروج الحلقة الثانية, من سلسلة مايسرهم أنهم عندنا,فانتظرونا...

2013/05/21

هل إستقلت فعلا إفريقيا؟ للشيخ أحمد أبي عبد اﻹله الجزائري حفظه الله


هل إستقلت فعلا إفريقيا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما أعلنت  الأمبراطورية الفرنسية انسحابها من إفريقيا بعدما جعلت لكل دولة علما ونشيدا ، ظن الكثير من الأفارقة أنهم صاروا بالفعل أحرارا ، ولم ينتبهوا إلى فخاخ الإتفاقات الأمنية وأغلال الإتفاقيات الإقتصادية  التي وضعتهم تحت رحمة احتلال ناعم يأخذ من الشعوب الإفريقية المستضعفة باليمين ما أعطاهم  بالشمال.

إن المتأمل في بعض ما جاء في هذه الإتفاقيات يجزم أن استقلال الشعوب الإفريقية ما زالت دونه تضحيات جسام ، وضريبة كبيرة على أجيال اليوم أن تدفعها لتكمل استقلالها الصوري وتحوله إلى استقلال فعلي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وهل يمكن الحديث عن استقلال لدول لاتتحكم في عملاتها ويفرض عليها المحتل أين تضع احتياطاتها بالعملة الصعبة كما جاء في تقرير نشرته إحدى المواقع الإلكترونية حيث جاء فيه :(تمتلك الخزينة الفرنسية في حساباتها الخاصة ملايير الدولارات  تعود إلى الدول الفرنكفونية في غرب ووسط إفريقيا  وهي مستثمرة في البورصة الفرنسية ) ويضيف التقرير :(يضع الأفارقة 85بالمئة من احتياطاتهم السنوية في هذه البنوك بناء على اتفاقيات مابعد الإستعمار   ، وهي اتفاقيات لاتلزم فرنسا بأي كشف حساب حول مدة ومكان وضع هذه الأموال  ولانتا ئج هذه  الأموال ربحا وخسارة ) وجاء في نفس التقرير :(منذ 1961يستحوذ الفرنسيون  على احتياطات 14 دولة إفريقية  بقيمة 400مليار دولار ) فهل يمكن الحديث في ظل هذه التبعية المهينة والإحتكار المذل على استقلال الدول الإفريقية ؟ وهل يقبل الشعب الفرنسي أن تكون احتياطاته المالية بأيدي إفريقية ؟ فلماذا تقبل شعوب إفريقيا المطحونة وفي مقدمتهم الأغلبية المسلمة بهذا الإستنزاف الناعم القاتل ؟


إن المحتل الفرنسي لم يكتف بهذا النهب الإقتصادي المقنن ، بل جعل له عصا غليظة تحميه ممثلة في القواعد العسكرية السرية كما هو الحال في بوركينا فاسو  والنيجر ومالي  والعلنية كما هو ظاهر على الخرائط المرفقة  ، في كل من السنيغال وإفريقيا الوسطى وساحل العاج و جيبوتي ناهيك عن القوات الفرنسية المتواجدة في إيفرقيا تحت غطاء الأمم المتحدة كما هو الحال في السودان ، كل هذا بالإضافة إلى الإتفاقيات الأمنية التي تسمح بعودة القوات الفرنسية في أي وقت شعرت بتهديد فعلي لمصالحها ، كما حدث في الجزائر سنة 1991 مع فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الإنتخابات البلدية والبرلمانية  كما تسمح باستعمال المجال الجوي أو البحري  ، كلما دعت الضرورة ، وهو ما حدث بالفعل في الحملة الأخيرة على مالي ،  حيث رضخت الحكومة الجزائرية صاغرة للإرادة الفرنسية و سمحت باختراق المجال الجوي الجزائري ، لقصف الشعب المالي المسلم  وتذكير الشعب الجزائري بأن  الإستقلال مجرد حلم عليه أن يستفيق منه لمواجهة الحقيقة الممزوجة بأزيز الرافال فوق رؤوس الجزائريين  دون علمهم ولا إذنهم ......وهل يستأذن السيد عبيده في أرضه وماله؟؟؟؟


إن أكبر جريمة ارتكبها الجيل الأول للإستقلال ، بغض النظر عن صدقه أو عمالته ، هو إبقاء اتفاقيات ما بعد الإحتلال سرية ، بعيدا عن أنظار شعوبهم ، فصاروا بهذا التكتم شركاء في الجريمة شاءوا أم أبوا ، وقد آن الأوان لهذا الجيل أن يقلب صفحات التاريخ ، ليضع هذه الإتفاقيات الظالمة تحت المجهر ، ويفرد لها دراسات وأبحاث جامعية تفحصها وتمحصها ثم تقارنها بالإتفاقيات المبرمة بين الدول التي تحترم شعوبها ،  ثم يتساءل بعد ذلك لماذا تختص هذه القارة وهذه الشعوب وحدها بهذا الإجحاف ؟ أليس هذا الإستغلال صورة أخرى للإستعباد والتمييز العنصري الأول ؟؟؟


إن مسؤولية المسلمين في إفريقيا وهم الأغلبية ، مسؤولية مضاعفة ،  بالتحرر أولا من قبضة الإحتلال وهيمنته والعودة إلى عدل الإسلام ثم تحرير الشعوب الإفريقية المقهورة مصداقا لقول ربعي بن عامر رضي الله عنه لرستم حين سأله : ما جاء بكم ؟ فقال رضي الله عنه : (إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة).

إن هدف المسلم اليوم هو إنقاذ البشرية من أخطبوط الصهيوصليبية التي تحكمت بحيلة القانون والشرعية الدولية في مصير الشعوب المستضعفة ، ونهبت خيراتها باتفاقيات مشبوهة ، فتركزت خيرات الأرض بيد أقلية عنصرية متغطرسة جشعة ، تستعذب أناة الجياع وأهات المعوزين وتفضل رمي فائض الإنتاج في أعماق البحار على إطعامه المساكين ...فأين أصحاب الهمم وأولوا العزم عشاق المعالي والقمم؟نسأل الله أن يكون هذا أوان ظهورهم بين العرب والتوارق والفلان والسنغو والهاوسا ليعيدوا لهذه القارة صبغتها الإسلامية  وما ذلك على الله بعزيز (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) والحمد لله رب العالمين .
للشيخ أحمد أبي عبد اﻹله الجزائري حفظه الله